تداعيات غياب التخطيط الإستراتيجي- أزمة الإنفاق الحكومي وتقلبات الإيرادات.

المؤلف: عيسى الحليان08.16.2025
تداعيات غياب التخطيط الإستراتيجي- أزمة الإنفاق الحكومي وتقلبات الإيرادات.

في أوقات الوفرة المالية، وجهت الحكومة إنفاقها بشكل أساسي نحو قطاعات ذات تأثير محدود على توليد فرص العمل، مثل البناء والمقاولات. علاوة على ذلك، اتسعت الهوة بين مسار المالية العامة وخطط التنمية الشاملة، مما جعل الإنفاق العام أسيرًا لتقلبات الإيرادات. هذا الوضع عرّض البلاد لصدمات مالية عنيفة واستنزف جهود الخبراء الاستراتيجيين في محاولات مستمرة لتحقيق الاستقرار الفوري وتجنب استنفاد الاحتياطيات العامة أو زيادة الديون. على حساب التخطيط الاستراتيجي بعيد المدى، الذي يهدف إلى تحقيق نمو سنوي معقول ومستدام، وتطوير بدائل اقتصادية مبتكرة، وتنفيذ تحول تدريجي (غير مفاجئ) في برامج الدعم، وتنويع مصادر الدخل لتقليل الاعتماد على مصدر واحد، بالإضافة إلى إدارة الآثار الاجتماعية المحتملة لهذه الإصلاحات. أرى أننا أهملنا معالجة هذه القضايا لفترة طويلة جدًا، واليوم ندفع ثمن هذا الإهمال المتمثل في غياب رؤية استراتيجية طويلة الأجل وإخفاق خطط التنمية في تحقيق التوازن المطلوب، على الرغم من التحذيرات المتكررة التي أطلقتها الأصوات الوطنية على مدى العقود الثلاثة الماضية. الآن، وبعد فوات الأوان، يواجه المخططون تحديًا هائلاً يتطلب منهم معالجة كل شيء في وقت واحد: زيادة الإيرادات، وتقليل النفقات، وإجراء مراجعة شاملة لبرامج الإنفاق. هذه مهمة شاقة لا بد أن تنطوي على بعض الأخطاء، وتتطلب تحديد الأولويات، وتحديد مراحل تنفيذ الخطط والبرامج. وإذا أخذنا في الاعتبار كفاءة الجهاز الحكومي المحدودة وعدم تحديثه، وهو المسؤول عن تنفيذ هذه المهام، وضعف تأهيل الكوادر البشرية التي يفترض أن تكون مصدرًا للثروة المعرفية بدلًا من أن تكون عبئًا على الإنفاق العام، فإن المشكلة تتعقد أكثر والحلول تصبح أكثر صعوبة.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة